التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السُلميون (10) تماضر بنت عمرو (الخنساء)

الصحابيات السلميات:
تماضر بنت عمرو بن الشريد بن رباح بن ثعلبه بن عصيه بن خُفاف بن امرئ القيس بن بهثه بن سليم بن منصور
السلمية ثم العصوية : الشاعرة والمشهورة بالخنساء , ولقبت بذلك لصفه في أنفها , قال في لسان العرب : الخنس في الأنف
هو ارتفاعه مع قصر القصبة ودقتها . وخنساء خَناس وخُناس كله اسم امرأة .

قال دريد بن الصَّمّة :
أخناس قد هام الفؤاد بكم وأصابه تبل من الحب
يعني به الخنساء بنت عمرو بن الشريد , فغيره ليستقيم له وزن الشعر .

إسلامها :
قال ابن عبد البر : قدمت الخنساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومها من بني سليم فأسلمت معهم .
قلت : وكانت وفادة بني سليم وإسلام عامتهم في زمن صلح الحديبية بين السنة السابعة والثامنة
من الهجرة , وأرسل لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل فتح مكة يستنفرهم للمشاركة في فتح مكة , فوفد
عليه منهم ألف مقاتل قابلوه في طريقه إلى مكة , وبهذا يكون إسلامها قبل فتح مكة المكرمة .
قال ابن عبد البر : فذكروا أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يسـتـنـشـدهـا فيعجبه شعرها , وهو يقول : هيه يا
خناس , أو يومي بيده .

شاعريتها:
وكانت الخنساء في أول أمرها تقول البيتين والثلاثة حتى قُتل أخوها الشقيق معاوية بن عمرو ,
قتله هاشم وزيد من بني مرة ! ثم قُتل أخوها لأبيها صخر بن عمرو وكان أحبهما إليها , فقد كان
حليما جواداً محبوباً في العشيرة , وكان غزا بني أسد فطعنه أبو ثور الأسدي فمرض من تلك
الطعنه قريباً من حول ثم مات . فلما قتل أخواها أكثرت من الشعر وأجادت .

ومن جيد شعرها :
أعينيّ جودا ولا تجمُدا ألا تبكيانِ لصخرِ النّدى ؟
ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ألا تبكيانِ الفَتى السيّدا؟
طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمادِ قد سادَ عَشيرَتَهُ أَمرَدا

ومن شعرها فيه أيضاً :
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
وللخنساء ديوان شعر مطبوع عدة طبعات , وبشروح متعددة وقديمه .
حتى قال النقاد : أجمع أهل العلم بالشعر أنه لم يكن امرأة قط قبلها ولا بعدها أشعر منها.

من أخبار ثباتها:
ذكر مؤرخ مكة الزبير بن بكار القرشي أن الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية حضرت
القادسية ومعها بنوها الأربعة , فحرضتهم على القتال والصبر فقالت لهم : يا بني إنكم أسلمتم
طائعين وهاجرتم مختارين , ووالله الذي لا اله إلا هو إنكم لبنوا رجل واحد , كما أنكم بنو امرأة
واحده , ما خنت أباكم , ولا فضحت خالكم , ولا هجنت حسبكم , ولا غبرت نسبكم , وتعلمون
ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين , وأعلموا أن الدار الباقية خير من
الدار الفانية , قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم
تفلحون )).

وذكر أن بنوها الأربعة قد ثبتوا في القتال وصابروا ورابطوا حتى استشهدوا رضي الله عنهم
جميعاً في معركة القادسية مع الفرس من أرض العراق وقد قال كل منهم شعراً يذكر وصية
والدته ويحرض إخوته على الثبات في القتال , وهم صحابة فيما يظهر لأن القادسية كانت سنة
14 هجرية أي بعد أربع سنوات من وفاة النبي صلى الله علية وسلم .

ولما بلغ خبر استشهادهم لوالدتهم الخنساء رضي الله عنها قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم –
أي شهداء – وأرجوا من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته )) .

فسبحان الله !! كيف تغير وضع الخنساء التي أمضت عمرها الأول قبل إسلامها في رثاء إخويها
والبكاء عليهما , فقد أكسبها الإيمان بالله وما عنده وفضل الشهادة في سبيله الصبر والثبات
وتحمل فـقـد الولد جميعاً في وقت واحد , فرضي الله عن الخنساء تماضر بنت عمرو بن الشريد
وعن أولادها الأبطال المجاهدين والشهداء الأبرار.

وفاتها:
ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب لمعرفة الأصحاب: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان
يعطي الخنساء أرزاق أولادها الأربعة لكل واحد مائتي درهم حتى قبض رضي الله عنه , ولم
تذكر الروايات تاريخ وفاتها غير أن هذا النص يعطي أنها عاشت إلى ما بعد خلافة عمر بن
الخطاب.

كتبه:
د. محمد بن صامل العلياني السلمي
5\8\1431 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السُلميون (9) الصحابيات السلميات

الصحابيات السلميات
في الكتب التي تعتني بتراجم الصحابة مثل : الطبقات الكبرى لابن سعد , والاستيعاب في معرفه
الأصحاب لابن عبد البر القرطبي , وأسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير , والإصابة في تمييز
الصحابة للحافظ ابن حجر العسقلاني , يختمون كتبهم بالترجمة لمن عرف من الصحابيات , وقد
ترجم الحافظ بن حجر (ل 1566)صحابيه بما في ذلك المكرر ومن ذكر أنها من الصحابة ولم يثبت ,
والكتاب مرتب على حروف المعجم ثم يختم بالكنى والمبهمات . وذكر ابن حجر عشر صحابيات من
قبيلة سليم بن منصور ومواليهم .
وسوف أورد فيما يلي قائمه بأسمائهن مع تعريف موجز لكل واحده .
بره بنت سفيان بن عبد شمس بن سعد بن قائف بن الأوقص السلمية ثم الذكوانيه , أخت أبي
الأعور بن سفيان , تزوجها الحارث بن طلحه القرشي العبدري , وقتل يوم أحد كافراً حيث كان حامل
راية قريش , فتزوجها عبد الله بن عمر بن الخطاب فولدت له ولديه عبد الله وصفيه وغيرهما وعاشت
بعده , وكانت وفاة ابن عمر سنه 73 هـ .

تماضر بنت عمرو بن الشريد السلمية ( الخنساء ) , وسوف نفرد لها ترجمه في حلقه قادمة .

خوله بنت حكيم بن أميه بن حارثه بن الأوقص السلمية ثم الذكوانيه , تزوجها عثمان بن مظعون
القرشي الجمحي , قال ابن عبد البر: وكانت صالحة فاضلة , روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ,
وروى عنها سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة , ومن التابعين سعيد بن المسيب
وعروة بن الزبير , وعمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي لكن حديثه عنها مرسلاً .
وكانت من اللاتي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة زوجها ذكره البخاري معلقاً
ووصله أبو نعيم .
طلبت من الرسول صلى الله عليه وسلم إن فتح الله عليه الطائف أن يعطيها حُلي بادية بنت غيلان
الثقفي أو حُلي الفارعة بنت عقيل وكانت من أحلى نساء ثقيف , فقال صلى الله عليه وسلم : وإن
كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويله ) فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب , فقال : يا رسول الله أما أذن لك
في ثقيف ؟ قال : لا .

سلمى مولاة لحكيم بن أميه بن الأوقص السلمي , كانت مقيمه بمكة مع مولاها .

سنا بنت أسماء بن الصلت بن حبيب بن حازم بن هلال بن حرام السلمي , عمة عبد الله بن
خازم بن أسماء بن الصلت , أمير خراسان في العهد الأموي.
ويقال في اسمها : وسنا وسبأ, وهي من النساء اللاتي خطبهن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكنها ماتت قبل أن يدخل بها , ولذا لا تعتبر من أمهات المؤمنين .

أم أوس بن خالد البهزية السلمية , أرسلت للنبي صلى الله عليه وسلم عكة بها سمن فقبلها
رسول الله ودعا لها بالبركة ورد العكة إليها وهي ممتلئة سمنا وصارت تأخذ منها طيلة خلافة
الخلفاء الراشدين إلى أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم .

أم سعيد بنت صخر بن حكيم بن أميه بن الأوقص السلمية , زوجه المسيب بن حزن المخزومي
القرشي , وأم أولاده سعيد والسائب وعبد الرحمن أسلم زوجها في فتح مكة .

أم سفيان بنت الضحاك السلمية .

أم الكرام السلمية , قال ابن عبد البر : روت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كراهية التحلي
بالذهب للنساء , وليس إسناد حديثها بالقوي . وقد ثبتت الرخصة في ذلك للنساء .

أم مالك البهزيه , قال ابن عبد البر : روى عنها طاووس بن كيسان حديث مجاهد عن أم مبشر ,
وهو عند الترمذي , قالت : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنه فقربها , فقلت يا رسول الله
من خير الناس فيها ؟ قال: رجل في ماشيه يؤدي حقها ويعبد ربه , ورجل آخذ برأس فرسه يخيف
العدو ويخيفونه.

هؤلاء من ثبتت صحبتهن من نساء بني سليم , ويلاحظ أن أكثرهن كن يسكن بمكة , ويتبين من
خلال هذه التراجم لهن الصلة بين قبيلة قريش وقبيلة سليم .

كتبه :
د. محمد بن صامل السلمي

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السُلميون (8) صفوان بن المعطّل السلمي

صفوان بن المعطّل السلمي

نسبه :
صفوان بن المعطِّل بن رُبيعة ( مصغرا ً) بن خزاعي ( بلفظ النسب ) ابن محارب بن مرة بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور ، السلمي ثم الذكواني، ويكنى ابا عمرو .

إسلامه :
أسلم صفوان قبل غزوة المريسيع وشهدها كما في الصحيح . قال الواقدي : شهد صفوان الخندق والمشاهد كلها بعدها وكانت الخندق سنة خمس من الهجرة، وكان مع كرز بن جابر الفهري، في طلب العرنيين الذين قتلوا راعي إبل رسول الله صلى الله علية وسلم ثم اخذوا اللقاح .
روى عنه من الصحابة ، أبو هريرة . وروى عنه من التابعين ، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد المقبري ، وسلام أبو عيسى .

قال الذهبي : وروايتهم عنه مرسلة لم يلحقوه فيما أرى ، إن كان مات سنة تسع عشرة .
وقد اثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كما في الصحيحين : ماعلمت منه إلا خيراً.
قال ابن عبد البر : كان على ساقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف بعد إسلامه عن غزوة غزاها .

صفوان وحادثة الإفك :
اقترن اسم صفوان بن المعطّل بحادثة الإفك التى كادها المنافقون وكذبوا بها على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أثناء غزوة المريسيع، وكان صفوان رضي الله عنه على ساقة الجيش، فوجد عائشة وقد ذهب القوم، فاسترجع ثم حملها على بعيره حتى ألحقها بالجيش . وعندها قال المنافقون ماقالوا . وقد برأها الله وبرأه مما قالوا .

وممن شارك في ذلك حسان بن ثابت فقال شعراً يُعرض بصفوان، فلقيه صفوان وضربه بالسيف فجرحه وقال :

تلق ذباب السيف مني فإننــي ،،،،،،،،،،،،غلام إذا هو جيت لست بشاعر

ولكنني أحمي حماي وأشتفي ،،،،،،،،،،،،من الباهت الرامي البِراء الطواهر

فشكى حسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستوهبه رسول الله وعوضه حائطاً من نخل، وأعطاه سيرين، وهي جارية أخت لمارية القبطية التي أهداها لرسول الله المقوقس عظيم القبط، فولدت لحسان ابنه عبد الرحمن وكان شاعراً كأبيه .
قال ابن عبد البر : كان خيراً فاضلاً سجاعاً بطلاً، وهو الذي قال فيه أهل الإفك ماقالوا مع عائشة، فبرأهما الله مما قالوا .

جهادة رضي الله عنه :
سكن صفوان رضي الله عنه المدينة النبوية وابتنى فيها داراً، وتزوج . وكان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في جهاده، ثم استمر في ذلك زمن الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، حيث خرج إلى العراق وكان له بالبصرة داراً، ثم كانت نهايته أن قتل شهيداً غي غزوة أرمينية، وكان أمير الجيش يومئذ عثمان بن ابي العاص الثقفي وذلك سنة تسع عشرة كما قال ابن اسحاق، والبخاري في التاريخ الكبير . وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت في الثناء على صفوان : ثم قُتل في سبيل الله ( حديث رقم 4141 )

أخوكم
د. محمد بن صامل السلمي
2/7/1431 هــ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السُلميون (7) الحجاج بن علاط السلمي

الحجاج بن علاط السلمي
نسبه:
هو الحجاج بن عِلَاط – بكسر العين وتخفيف اللام – بن خالد بن ثويرة – مصغراً- بن حنثر بن هلال بن
عبيد بن ظفر بن سعد بن عمرو بن تيم بن بهز بن إمرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور السلمي ثم البهزي.
يكنى أبا كلاب وقيل أبا محمد . وهو والد نصر بن حجاج الذي غرَبه عمر بن الخطاب إلى البصرة.
إسلامه:
روى ابن أبي الدنيا في هواتف الجان أن سبب إسلام الحجاج بن علاط , أنه خرج في ركب من قومه
إلى مكة , فنزلوا ليلاً في وادٍ موحش مخوف , فقال له أصحابه قم يا أبا كلاب فخذ لأصحابك أماناً ,
فقام الحجاج بن علاط يطوف حولهم ويقول:
أعيذ نفسي وأعيذ صحبي,,,,,,,,,,,,,,,من كل جني بهذا النقب
حتى أوب سالماً وركبي.
فسمع قائلاً يقول:{ يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض
فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان} [سورة الرحمن آية 33 ].
فلما قدموا مكة أخبروهم بذلك فقالت قريش : صبأت والله يا أبا كلاب , إن هذا فيما يزعم محمد أنه أنزل عليه.
قال: والله لقد سمعته وسمعه هؤلاء معي. فكان هذا مما دفعه للإسلام , ولذا أسلم وهاجر إلى
المدينة , وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خيبر , فشهد فتحها , ثم إنه
أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى مكة ليستوفي مالاً له عند تجارها ,
حيث كان صاحب تجارة ومال كثير , كانت له معادن من الذهب في بني سليم , فأذن له رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأن يقول ما يساعده على جمع ماله ولم تعلم قريش بإسلامه.
الحجاج وقريش:
ذكر ابن هشام في السيرة 345/2 من طريق ابن إسحاق أن الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي
لما أسلم قال: يا رسول الله إن لي في مكة مالاً عند صاحبتي ( زوجته ) أم شيبه بنت أبي
طلحة – وله منها ابنه مُعْرّض بن الحجاج – ومال عند تجار مكة فأذن لي يا رسول الله ,فأذن له
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما يساعده على استخراج ماله.
قال الحجاج: فخرجت حتى إذا قدمت مكة – وكان ذلك في زمن الهدنة- وجدت في ثنية البيضاء –
ثنية التنعيم- رجالاً من قريش يسألون عن الأخبار؛ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث
بلغهم أنه خرج إلى خيبر , وقد عرفوا أنها قرية الحجاز وذات منعة ورجال, فلما رأوني قالوا: الحجاج
بن علاط – ولم يكونوا علموا بإسلامه – عنده الخبر, أخبرنا يا أبا محمد , فإنه قد بلغنا أن القاطع قد
سار إلى خيبر , قلت: هُزِم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط, وقتل أصحابه , وأسُرِ محمد أسراً , وقال
اليهود: لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتلوه بين أظهرهم , قال: ففرحوا بذلك ونشروا الخبر.
قال الحجاج قلت: اعينوني على جمع مالي من غرمائي بمكه فإني أريد أن أقدم خيبر فأصيب من
غنائم خيبر قبل أن يسبقني التجار إلى ما هنالك.
قال: فجمعوا مالي كأحث ما يكون . وقلت لصاحبتي – وقد كان لي عندها مال موضوع – أعطيني
مالي لعلّي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار.
قال الحجاج: فلما سمع عباس بن عبد المطلب بخبري تأثر وجاء إلي وأنا في خيمة من خيام التجار
, فقال: يا حجاج , ما هذا الخبر الذي جئت به ؟ قال: فقلت: وهل عندك من حفظ لما وضعت عندك ؟
قال: نعم . قال: قلت: فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء , فإني أجمع مالي كما ترى . فانصرف
ثم أتيته بعد أن جمعت مالي وأخبرته بالحقيقة وأن ابن أخيك قد نصره الله على أهل خيبر ولقد
تركته وهو عروس بابنة ملكهم – يعني صفية بنت حيي بن أخطب. فاكتم عني ثلاث ليال حتى
أذهب , فلما مضت الثلاث أخبر العباس فعرف أهل مكة أن الحجاج بن علاط قد خدعهم ليستحصل
ماله وأنه قد أسلم وتابع محمداً.
مشاركته في الجهاد والفتوح:
ترجم ابن سعد في الطبقات الكبرى (157/5 ) الحجاج بن علاط في الطبقة الثالثة من الصحابة وهم
المهاجرون والأنصار الذين شهدوا الخندق وما بعدها إلى فتح مكة وقال: إن رسول الله صلى الله
عليه وسلم لما أراد فتح مكة بعث الحجاج بن علاط والعرباض بن سارية إلى بني سليم يأمرهم
بالقدوم عليه.
فيكون ممن شارك في فتح مكة وحنين والطائف وغيرها.
وقد سكن الحجاج بن علاط المدينة النبوية ونزل في حي بني أمية بن زيد من الأنصار وبنى بها داراً
ومسجداً يعرف به.
قال ابن الأثير: سكن المدينة وهو معدود من أهلها .
وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري أن الحجاج بن علاط أول من بعث إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم بصدقته من معدن بني سليم.
ويبدوا أن الحجاج خرج أيام الفتوح إلى الشام وقد سكن حمص وشرف فيها , روى ابن السكن من
طريق مجاهد عن الشعبي قال: كتب عمر إلى أهل الشام أن ابعثوا إلي من أشرافكم , فبعثوا إليه
الحجاج بن علاط.
ويذكر ابن السكن أن معاوية بن أبي سفيان قد استعمل ابنه عبيد الله بن الحجاج على حمص.
وللحجاج من الولد نصر بن حجاج , والمعرض بن حجاج , وقد قُتِل المعرض يوم الجمل ورثاه أخوه نصر
بن حجاج . وصوب ذلك ابن حجر في الإصابة ( 481/2) .
قال ابن حجر: وللحجاج بن علاط أخ اسمه صالح أظنه مات في الجاهلية ذكره حسان بن ثابت في
قصيدته الطائية ( ديوان حسان من 168 ):

لكمـيـت كـأنـهـا دم جــــــوف,,,,,,,,,,,,,,,عُتٌـقـت مـن سُـلافـة الأنبـاط
فاحتواها فتى يهين لها الما,,,,,,,,,,,,,,,ل ونادمتُ صالح بن عــــــلاط

قال ابن حبان : مات الحجاج بن علاط في أول خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أخوكم:
د. محمد بن صامل السلمي
1431/6/16

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السُلميون (6) العباس بن مرداس السلمي

العباس بن مرداس السلمي

هو العباس بن مرداس بن أبي عامر بن جاريه السلمي.
كنيته أبو الهيثم , كان والده مرداس شريكاً لحرب بن أميه القرشي والد أبي سفيان في التجارة , وقد ماتا جميعاً في يوم واحد , أما العباس فإنه أدرك الإسلام وكان لإسلامه قصه فقد كان والده يعبد صنماً يسمى ضمارا , فلما مات أوصاه به وقال: أعبد ضمار فإنه ينفعك ويضرك , فبينما عباس عند ضمار يعبده إذ سمع صوتاً من جوف الصنم يقول:
قل للقبائل ورث النبوة والهدى,,,,,,,,,,أودى ضمار وعاش أهل المسجــد
أن الذي ورث النبـوة والهــدى,,,,,,,,,,بعد أبن مريم من قريش مهتــــدي
أودى ضمـار وكـان يـعـبد مـرة,,,,,,,,,,قـبـل الكـتـاب إلـى النبـي مـحـمـــد

فحرق عباس ضمار ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فأسلم.
وقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه وكان ذلك في زمن صلح الحديبية فأسلموا , ثم رجع إلى موطنه , ولما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة أرسل إلى القبائل التي دخلها الإسلام لتشاركه في الفتح فقدم السلميون بقياده العباس بن مرداس في ألف فارس , ولقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقديد وكان رسول الله قد أرسل لهم الحجاج علاط السلمي ثم البهزي , وعرباظ أبن سارية السلمي.
ولما عقد صلى الله عليه وسلم الرايات جعل بني سليم على الرايات التي جاؤا بها وهي خمس رايات وكان العباس حامل إحداها.
وكان لهم غناء في فتح مكة ثم شاركوا في السرايا التي بعثها صلى الله عليه وسلم إلى يلملم , واستمرت مشاركتهم إلى حنين , ولما هزم المشركون في حنين طردهم المسلمون فكان بنو سليم مع السرية التي ذهبت إلى أوطاس.
قال بن الأثير: كان العباس بن مرداس شاعراً محسنا , وشجاعاً مشهورا.
قال عبد الملك بن مروان: أشجع الناس في شعره عباس بن مرداس حيث يقول:

أقـاتـل فـي الكتيـبــة لا أبـالــي,,,,,,,,,,أفـيـها كــان حـتـفـي أم سـواهـــا

وقد أورد له أبن هشام في السيرة النبوية قصائد جميله قالها في فتح مكة وفي غزوة حنين ويذكر فيها مواقف قومه وبلاءهم في الجهاد.
ولما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين أباعر معدودة بينما أعطى بعض زعماء القبائل مائه من الإبل , قال يعاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كــانـــت نـهــابـــاً تلافـيـتـهـا,,,,,,,,,,بكــري عــلــى الــمــهــر الأجزع
فــأصـبـح نــهبـي ونهـب العبــــــــــــــــــيـــــد بــيـــن عـيــيــنــة والأقــرع
إلى أن يقول:
وما كان حصـن ولا حــابــس,,,,,,,,,,يـفـوقـان مـرداس فـي الـمـجـمــع
وما كنت دون امرئ مـنهـمـا,,,,,,,,,,ومـــن تــضــع الـيــوم لا يــرفـــع
قال بن إسحاق: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أذهبوا به فاقطعوا عني لسانه, فأعطوه مائه من الإبل حتى رضي.
وقال رضي الله عنه:
يـا خـاتـم الـنـبأ إنك مرســل,,,,,,,,,,بــالـحق كـل هـدى السبيـل هـداكــا
إن الإله بنى عليـك محـــبـــة,,,,,,,,,,فــي خـلـقــه ومـحـمـداً سـمـاكــــا
ثم الذين وفوا بما عاهدتهــم,,,,,,,,,,جنـد بـعـثـت عـلـيـهـم الـضـحـاكـــا
وبنو سليم معنقـون أمامــــه,,,,,,,,,,ضربـاً وطـعـنـاً فـي الـعـدو دراكــا

وفي قصيده أخرى يقول:
والقائد المائة التي وفـىٌ بهـا,,,,,,,,,,تســـع الـمـئـيــن فـتـم ألف أقرع
وغداة نحن مع الـنبي جناحه,,,,,,,,,,بـبـطـاح مـكـة والـقــنــا يـتـهـزع

ويقول واصفاً مواقف قومه في القتال ومعتذراً إلى أقاربه في النسب بنو عامر بن صعصعه:
صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا,,,,,,,,,,قراع الأعـادي مـنهم والــوقائــع
أمام رسـول الله يخـفـق فوقـنـا,,,,,,,,,,لـواء كـخذروف السحابـة لامــع
نذود أخانا عن أخينا ولو نـرى,,,,,,,,,,مصـالاً لـكـنـا الأقـربـيــن نـتابـع
ولـكــن ديـن الله ديــن مـحــمـدٍ,,,,,,,,,,رضـيـنا به في الهـدى والشرائـع
أقام بـه بـعـد الـضـلالـة أمـرنـا,,,,,,,,,,وليــس لأمــر حمـــه الله دافـــــع
ويقول أيضاً:
تقطع بـاقـي وصــل أم مؤمـــل بـعاقـبة وإستبـدلـت نيـة خُـلـفــــا
وقد حلفت بالله لاتـقطـع القـوى,,,,,,,,,,فمـا صدقت فيه ولا برت الحلفـــا
خفافية بطن العقيق مـصيـفـها,,,,,,,,,,وتحتل في البادين وجرة فالعرفــا
وأنا مع الهادي النـبـي مـحـمـدٍ,,,,,,,,,,وفينـا ولـم يـسـتـوفها معشر ألفـا
بفتيان صـدق مـن سليم أعـزةٍ,,,,,,,,,,أطاعوا فما يعصون من أمره حرفا
خفاف وذكوان وعوف تخالهم,,,,,,,,,,,,مصاعب زافت في طروقتها كلفــا
بــمـكـة إذ جـئـنـا كـأن لـوائـنـا,,,,,,,,,,عقاب أرادت بعد تحلـيقهـا خـطـفـا
غداة وطئنا المشركين ولم نجد,,,,,,,,,,لأمر رسول الله عدلاَ ولا صرفــــا
رضا الله ننوي لارضا الناس نبتغي,,,,,,,,,,ولله مـايــبـدو جـميـعـاً ومـا يخفـــا

وقال عباس أيضاً:
وإذكر بلاء سليم في مواطنـهــا,,,,,,,,,,وفـي سلـيـم لأهـل الـفـخـر مفتخر
قوم هم نصروا الرحمن وإتبعوا,,,,,,,,,,ديـن الرسول وأمر الناس مشتجر
لا يغرسون فسيل النخل وسطهم,,,,,,,,,,ولا تخـاوروا فـي مـشـتـاهـم البقر
إلى أن يقول:
ونحن يوم حنين كـان مشـهدنـا,,,,,,,,,,لـلـديــن عـــزاً وعـنـد الله مـدخـر
تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا,,,,,,,,,,كـما مشى الليث في غاباته الخدر
وقد صبرنا بــأوطـاسٍ أسـنـتـنا,,,,,,,,,,لله نـنــصـر مـن شـئـنـا نـنـتـصـر
فما ترى معشراً قلوا ولا كثروا,,,,,,,,,,إلا قــد أصـبــح مـنـا فـيـهـم أثـــر

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ياخير من ركب المطي ومن مشى,,,,,,,,,,فـوق الـتـراب إذا تـعــد الأنــفـس

وقال أيضاٍ:
نصرنا رسول الله من غضب لـــه,,,,,,,,,,بألـف كـمـيٍ لا تــعــد حــواســره
وكـنـا عـلـى الإســلام مـيـمـنـة له,,,,,,,,,,وكـان لـنـا عـقـد اللواء وشاهره
وكــنـا لــه دون الـجـنـود بـطـانـة,,,,,,,,,,يـشـاورنـا فـي أمـره ونـشــاوره
وقال أيضاً:
مــن مـبـلـغ الأقـوام أن مـحــمــداً,,,,,,,,,,رسـول الإلــه راشـد حـيـث يممـا
دعا ربه وإسـتـنـصـر الله وحـــده,,,,,,,,,,فـأصـبـح قـد وفـى إلـيــه وأنـعــم
سرينا وواعدنــا قـديـداً مــحـمــدا,,,,,,,,,,يــؤم بـنـا أمــراً مــن الله مـحكما
فإن تك قد أمرت في القوم خالــداً,,,,,,,,,,وقــدمـــتــه فـإنــه قــد تـقـدمــــا
بــجــنــد هــداه الله أنــت أمــيـر,,,,,,,,,,تصيب به في الحق من كان أظلما
حـلــفـت يــمـيـنــاً بــرة لـمـحـمـدٍ,,,,,,,,,,فـأكـمـلـتـهـا ألفاً من الخيل ملجما
وقال نـبـي الـمـؤمـنـيـن تـقـدمـوا,,,,,,,,,,وحــب إلـيـنــا أن نـكـون المقدما
أطعناك حتى أسلم النـاس كلـهــم,,,,,,,,,,وحـتـى صبحنا الجمع أهل يلملما

والعباس بن مرداس له ديوان شعر جمعه الدكتور/ يحيى الجبوري , وهو مطبوع.
وقد أنتقل العباس بن مرداس مع الفتوح الإسلامية إلى العراق وكان يقيم في بادية البصرة.

د. محمد بن صامل السلمي
2/6/1431 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السٌلَميون ( 5 ) معاوية بن الحكم السلمي وأخوته

معاوية بن الحكم السلمي وأخوته

هذه أسرة مكونة من سبعة من الأخوة كلهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلموا ,
من أشهرهم معاوية بن الحكم رضي الله عنه , ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من الصحابة وهم
الذين أسلموا بعد فتح مكة , ومعاوية بن الحكم له حديث طويل في صحيح مسلم تضمن مسائل مهمة .
وذكر له الإمام أحمد في مسنده عدد من الأحاديث , كان يسكن قريباً من جبل أحد وكان يتردد بين
بادية قومه والمدينة النبوية .
وقد وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخوته , علي بن الحكم , وعمر بن الحكم ,
وخميصة بن الحكم , وحبان بن الحكم وكانت معه راية قومه يوم فتح مكة , وجبار بن الحكم , وهلال بن الحكم .
وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى ( 6/188 ) من طريق الواقدي عن عمر بن الحكم قال : نذرت أمي
بدنة تنحرها عند البيت فجللتها بشقتين من شعر ووبر فنحرت البدنه وسترت الكعبة بالشقتين ,
ورسول الله يومئذ بمكة لم يهاجر .
وقد أخرج مسلم في الصحيح ( حديث رقم 537 ) من طريق عطاء بن يسار , عن معاوية بن الحكم
السلمي قال : بينما أنا اصلي مع رسول الله عطس رجل من القوم ’ فقلت : يرحمك الله ! فرماني
القوم بأبصارهم . فقلت : واثكل أمياه ، ما لكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم
, فلما رأيتهم يصمتونني , لكني سكت .
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فبأبي هو وأمي ! , ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ,
قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس , إنما هو التسبيح والتكبير وقراءه القرآن .
فلما اطمأن بعد هذه المعاملة الراقيه في التوجيه والنصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم انفتح
قلب معاوية بن الحكم فأخذ يسأل عن مسائل تقع منهم في الجاهلية ما حكمها في الإسلام ؟

قال معاوية قلت : يا رسول الله , إني حديث عهد بجاهلية , وقد جاء الله بالإسلام ’ وإن منا رجالاً
يأتون الكهان , قال : فلا تأتهم .
قال : ومنا رجال يتطيرون , قال : ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم .
قال قلت : ومنا رجال يخطون . قال : كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك )

ومعنى يخطون أي يضربون بأيديهم في الأرض ويدعون بذلك كشف أمور مغيبه , وهذا نوع من الدجل
فلا يصيبون بخطهم شيئاً كما أصاب النبي الذي أخبر عنه رسول الله وأن الله علمه ذاك وأذن له فيه ,
أما هم فلا يعرفون وليس مأذوناً لهم , وهو محرم في شريعتنا .

ثم ذكر معاوية رضي الله عنه قصة أخرى قال : وكانت لي جارية ترعى غنم لي قبل أحد والجوانية ,
فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها , وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون
( أي أغضب ) لكني صككتها صكة , فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذالك عليّ . قلت
: يارسول الله أفلا أعتقها ؟
قال : ائتني بها ) فأتيته بها . فقال لها : أين الله ؟ . قالت : في السماء . قال : من أنا ؟ . قالت : أنت
رسول الله . قال : أعتقها , فإنها مؤمنة ) .
وإلى لقاء في حلقة جديدة إنشاء الله

أخوكم :
د. محمد بن صامل السلمي

16/5/1431 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السٌلَميون ( 4 ) العرباض بن سارية السلمي

العرباض بن سارية السلمي – أبو نجيح ( 4 )

هذا الصحابي هو قرين عمرو بن عبسة في الكنية وفي السبق إلى الإسلام حيث ذكر الحافظ ابن
حجر : أن العرباض كان يقول : أنا ربع الإسلام , لكن الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 3 /421 )
علق على ذلك بقوله : لم يصح أن العرباض قال ذلك ) قلت : وهو صحيح عن عمرو بن عبسة كما مر في ترجمته .
وعن عتبه بن عبد السلمي قال : ( أتينا النبي صلى الله عليه وسلم سبعة – وفي رواية تسعة – من
بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية فبايعناه جميعاً ) , فهذا يدل على ما ذهب إليه الحافظ الذهبي
وانه لم يكن رابع في الإسلام حيث أسلم معه من قومه خاصة تسعة أو سبعة , لكنه كان من
السابقين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أقام العرباض بالمدينة مع أهل الصفة وهم
الفقراء والعزاب من الصحابة الذين ليس لهم مأوى غير صفه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ,
فهم جيرانه وكانوا يسمون أضياف الإسلام , وقد فرغوا أنفسهم لتعلم القرآن والعلم وإذا دعى داعي
الجهاد كانوا أول من يخرج , وقد يمنعهم من الخروج قلة ذات اليد .
و العرباض بن سارية السلمي ممن نزل فيهم قول الله تعالى : [ ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم
قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون ] ( سوره التوبة 92 )
وقد شارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوه خيبر وفي فتح مكة وغيرها , ثم خرج
مجاهداً إلى بلاد الشام وسكن حمص كسابقه عمرو بن عبسة وكان منزله عند قناة الحبشة ,
ونجد كثيراً من الصحابة السلميين وغيرهم قد سكنوا حمص فقد كانت دار رباط في سبيل الله .
كان رضي الله عنه زاهداً في الدنيا آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر , فقد روى إسماعيل بن أبي
عياش , حدثنا أبو بكر بن عبد الله , عن حبيب بن عبيد , عن العرباض قال : ( لولا أن يقال : فعل أبو
نجيح لألحقت مالي سُبْلة , ثم لحقت وادياً من أودية لبنان عبدت الله حتى أموت ) ( الطبقات الكبرى 4/276 )
ومن حديث شعبه عن أبي الفيض , سمع أبا حفص الحمصي يقول : أعطى معاوية ابن أبي سفيان
المقداد حمارا من المغنم , فقال له العرباض بن سارية : ( ما كان لك أن تأخذه ولا له أن يعطيك ،
كأني بك في النار تحمله ؛ فرده المقداد .
روى العرباض بن سارية عن رسول الله أحاديث أخرجها أصحاب السنن والمسانيد وقد ذكر له ابن
كثير في جامع المسانيد والسنن ( 29 ) حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشهرها ما
أخرجه أحمد في المسند ( 4/126 ) وأبي داود حديث رقم ( 4607 ) والترمذي ( 2676 وابن ماجه
(42) من حديث خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي , وحجر بن حجر , قالا : أتينا
العرباض بن سارية , فسلمنا وقلنا : ( أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال : صلى بنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم , ثم أقبل علينا , فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ،
ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع , فأوصنا , وفي لفظ : فما تعهد إلينا
؟ قال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً , فإنه من يعش منكم بعدي،
فسيرى اختلافا كثيرا، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين , تمسكوا بها , وعضوا
عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثه بدعه , وكل بدعه ضلاله )
وقد عاش رضي الله عنه حتى كبرت سنه ووهن عظمه , ومات بحمص سنة خمس وسبعين من
الهجرة وقيل قبيل ذلك في أيام خلافه عبد الله بن الزبير الذي قتله الحجاج بمكة سنه 73 من الهجرة
, فرحم الله جميع أصحاب رسول الله ورضي الله عنهم فقد كانوا هداة ودعاة إلى الخير أينما كانوا ورحلوا .

د. محمد بن صامل السلمي
1/5/1431 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السٌلَميون ( 3 ) عمرو بن عبسة السلمي

عمرو بن عبسة السلمي (ربع الإسلام ) (3)

ذكر المؤرخون للصحابة أن هجرة عمرو بن عبسة إلى المدينة كانت بعد غزوة خيبر , وقد شارك في
فتح مكة , كما شارك في غزوة الطائف وحصارها , فقد روى الإمام أحمد في مسنده (17022) عنه
رضي الله عنه أنه قال: حاصرنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف , فسمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بلغ بسهم فله درجه في الجنة)) قال: فبلغت ( أي رميت )
يومئذ ستة عشر سهماً)).

وقد كان رضي الله عنه حريصاً على الحديث والسؤال عن العلم , ومسنده عند الإمام أحمد في
موضعين:
في الموضع الأول (مجلد 28 ) , روى عنه أربعة عشر حديثاً

وفي الموضع الثاني( مجلد 32 )روى عنه ثمانية عشر حديثاً.

وبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتقل مع المجاهدين إلى الشام وسكن حمص بعد
فتحها , وكان يرابط في الثغور الشامية تجاه الروم. وقد كان بين معاوية بن أبي سفيان رضي الله
عنه وبين قوم من الروم عهد , فخرج معاوية فجعل يسير في أرضهم , حتى إذا أنقضى الأمر
غزاهم , فإذا رجل ينادي في ناحية الناس: وفاء لا غدر , فإذا هو عمرو بن عبسة فقال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من كان بينه وبين قوم عهد , فلا يشد عقدة ولا يحلها
حتى يمضي أمرها , أو ينبذ إليهم على سواء)).

ومما ذكر من كرامات عمرو بن عبسة ما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 46/267 من طريق
أبي نعيم عن حصين بن عبد الرحمن , عن عمران بن الحارث , عن مولى لكعب , قال : انطلقنا
مع المقداد بن الأسود , وعمرو بن عبسة ,و مسافع بن حبيب الهذلي , فخرج عمرو بن عبسة
يوماً للرعية ( أي رعي دوابهم من الخيل , فقد كانوا مرابطين للجهاد ) فانطلقت نصف النهار –
يعني لأراه – فإذا سحابة قد أظلته , مافيها عنه فضل , فأيقظته , فقال: إن هذا شئ إن علمت أنك
أخبرت به أحداً , لايكون بيني وبينك خير )) قال: فو الله ماأخبرت به حتى مات.

فرضي الله عن عمرو بن عبسة السلمي الصحابي الجليل ورضي الله عن جميع الصحابة فقد
قبسوا من مشكاة النبوة وشرفوا بمشافهة رسول الله ورؤيته وسماع كلامه فارتفعوا بالإيمان حتى
صاروا نماذج وقدوات يقتدى بهم.

أمضى عمرو بن عبسة بقية حياته مجاهداً حتى مات في حمص , ولم يعرف تاريخ وفاته لكن قال
ابن حجر: أظنه مات في أواخر خلافة عثمان رضي الله عنه.

كتبه:

د. محمد بن صامل العلياني السلمي
15/4/1431 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السلميون (2) عمرو بن عَبَسة السلمي

الصحابة رضي الله عنهم كثير عددهم فقد حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع

أكثر من مائه وعشرين ألفاً , وكل من كان في المدينة النبوية وفي مكة المكرمة وما بينهما وما

حولهما , بل أغلب سكان الجزيرة العربية دخلهم الإسلام وأهلها مسلمون , ومع هذا فإن الذين

عرفت أسماؤهم من الصحابة رضي الله عنهم ودونت بعض أخبارهم هم أقل من هذا العدد بكثير ,

فلم يكن هناك ديوان جامع للناس , وعندما دونت أسماء الصحابة وأخبارهم بلغ العدد عند ابن عبد

البر ( ت 463 هـ ) في كتابه الذي أراد أن يستوعب فيه أسماء الصحابة فسماه : الاستيعاب في

معرفة الأصحاب ) لم يبلغ العدد عنده خمسة آلاف ثم جاء بعده ابن الأثير ( ت 630 هـ ) فكتب : أسد

الغابة في معرفة الصحابة وكان عدد من أحصاهم في كتابه في حدود ثمانية آلاف , وبعدهما بزمن

أراد الحافظ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) أن يحرر أسماء الصحابة ويجمع كل ما وقف عليه من

أخبارهم فكتب موسوعته الكبيرة : الإصابة في تمييز الصحابة فبلغ العدد عنده [ 12446 ] مع أن

منهم من ذكر أنه ليس من الصحابة ولم تثبت صحبته .

ولهذا فإنا لن نستطيع التعرف على تراجم وأسماء كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم من

بني سليم , ولكن سوف نقف على أخبار من ذكر منهم في المؤلفات المختصة بأسماء الصحابة

رضي الله عنهم , هذا وقد أفرد الأخ الأستاذ عصام بن حامد آل عبد الحفيظ أسماء الصحابة من

سليم المذكورين في كتاب الإصابة في مؤلف نشره عام 1428 هـ فجزاه الله خيرا .
عمرو بن عَبَسة السلمي رضي الله عنه ( ربع الإسلام ):-

هو عمرو بن عبسة بن خالد بن عامر بن خفاف بن إمرئ القيس بن بهثه

كان يعيش في مرابع قومه في حاذه وصفينه , وقد نشأ على الحنيفية وأنكر أمر الجاهلية ,

وهو أخ من الأم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي كان متحنفاً ومنكراً لعبادة الأصنام , وديار غفار

لا تبعد كثيرا عن ديار سليم.

يقول عمرو بن عبسة : إني كنت في الجاهلية أرى الناس على ضلاله , , ولا أرى الأوثان شيئاً , ثم

سمعت عن رجل يخبر أخباراً بمكة ويحدث أحاديث , فركبت راحلتي حتى قدمت مكة فإذا أنا برسول

الله صلى الله عليه وسلم مستخف , وإذا قومه جُرَءاءُ عليه , فتلطفت حتى دخلت عليه , فقلت : ما

أنت ؟ قال : أنا نبي الله . فقلت : وما نبي الله ؟ , قال: رسول الله , قال فقلت : آلله أرسلك ؟ , قال :

نعم . قلت : بأي شيء أرسلك ؟ , قال : بأن يوحد الله ولا يشرك به شئ , وكسر الأوثان , وصلة

الأرحام , فقلت له : من معك على هذا ؟ قال : حر وعبد , – ومعه يومئذ أبو بكر بن أبي قحافة وبلال –

قلت : إني متبعك , قال : إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا .

ولهذا قال عمرو بن عبسة: بأنه ربع الإسلام , أي رابع أربعة سبقوا على الإسلام . وهذا على

حسب علمه واستنباطه من جواب النبي له , وكان المسلمون في العهد المكي يخفون إسلامهم .

فرجع عمرو بن عبسة إلى قومه وبقي زمناً حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى

المدينة وقد جاءه الخبر بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , فقدم عليه في المدينة ,

ولما دخل عليه قال : يا رسول الله أتعرفني ؟ , قال : نعم . أنت الذي لقيني بمكة ؟

ثم إن عمرو بن عبسة سارع إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور في الدين فقال : يا

نبي الله , أخبرني عما علمك الله وأجهله . أخبرني عن الصلاة ؟

قال صلى الله عليه وسلم : ( صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة – أي امتنع – حتى تطلع الشمس

حتى ترتفع , فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان , وحينئذ يسجد لها الكفار . ثم صل فإن

الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح , ثم اقصر عن الصلاة . فإن حينئذ تسجر جهنم .

فإذا أقبل الفيء فصل . فأن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر . ثم اقصر عن الصلاة حتى

تغرب الشمس . فإنها تغرب بين قرني الشيطان وحينئذ يسجد لها الكفار )

قال فقلت : يا رسول الله فالوضوء حدثني عنه . فوصف له صلى الله عليه وسلم كيفية الوضوء وبين

فضله . ………. وللحديث بقية
د . محمد بن صامل العلياني السلمي
1431/4/1 هـ

التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السلميون (1)

الصحابة ، جمع صحابي , والصحابي : هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على ذلك .
وسوف يكون حديثنا عن الصحابة من قبيلة بني سليم بن منصور القبيلة العدنانية القيسيه , وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم يتمتعون بمكانة عالية ومنزلة عظيمة عند الله ، بسبب سبقهم إلى الإسلام والاستجابة لدعوته وصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته .
فهم الطبقة الأولى من المسلمين الذين فازوا بصحبة النبي الكريم ، وقد رضي الله عنهم ووعدهم الجنة , وشهد لهم بصدق الإيمان والجهاد والدعوة إلى الله , فهم أفضل الأمة بعد الرسل وخيرها .
قال تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )
وقال تعالى : ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ..)
وقال تعالى : – مخاطباً الصحابة – ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح – فتح مكة – وقاتل أولئك أعظم درجه من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى )

والحسنى هي الجنة , فالصحابة كلهم والمتقدمون بإسلامهم قبل فتح مكة والذين تأخر إسلامهم إلى فتح مكة وما بعدها موعودون من الله بالجنة , ولذلك هم موضع التقدير والاحترام عند المسلمين ، وموضع الأسوة لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقيهم عنه , ولشهادة الله ورسوله لهم بصدق الإيمان وحسن الديانة , فهم موضع محبه المؤمنين .
واعتناؤنا بالصحابة من بني سليم في هذه المقالات وفي منتديات بني سليم هو من هذا الباب , باب المحبة للصحابة رضي الله عنهم ، وباب التأسي والإقتداء بأعمالهم وربط للحاضر بالماضي المشرق والمشرف .
وقبيلة بني سليم التي لا يزال عدد كبير منها اليوم يعيشون في مناطقهم القديمة زمن البعثة النبوية أسلم أفراد منها قبل فتح مكة , وشارك منهم في الفتح ألف فارس , حيث أسلمت القبيلة كلها بعد صلح الحديبية وبالإسلام تغيرت أحوال القبيلة فاكتسبت العلم والإيمان .
وشاركت في الدعوة والجهاد والفتوح زمن البعثة النبوية ثم زمن الخلفاء الراشدين وعلى امتداد التاريخ الإسلامي , وحملوا مع غيرهم من المسلمين الدعوة في المشرق والمغرب , واستقرت أسر منهم في المناطق الجديدة التي وصلوا إليها , وواجب الأبناء اليوم هو الاقتداء بالإعمال الصالحة والتأسي بالصالحين في العلم والعمل والبناء لصالح الأمة وبناء نهضتها , وألا يكون حض أحدنا مجرد الفخر والاعتزاز بما فعل الأجداد , وإنما الواجب أن نفعل كما فعلوا ….

ليس الفتى من يقول كان أبي لكن الفتى من يقول ها أنا ذا

وسيكون حديثنا في الحلقة القادمة عن أول صحابي دخل الإسلام من قبيلة سليم , فمن هو يا ترى ؟!

الصحابة السُلميون

لفضيلة الدكتور / محمد بن صامل العلياني السلمي