التصنيفات
اخبار سُليم الصحابة والتابعين

الصحابة السٌلَميون ( 4 ) العرباض بن سارية السلمي

العرباض بن سارية السلمي – أبو نجيح ( 4 )

هذا الصحابي هو قرين عمرو بن عبسة في الكنية وفي السبق إلى الإسلام حيث ذكر الحافظ ابن
حجر : أن العرباض كان يقول : أنا ربع الإسلام , لكن الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء ( 3 /421 )
علق على ذلك بقوله : لم يصح أن العرباض قال ذلك ) قلت : وهو صحيح عن عمرو بن عبسة كما مر في ترجمته .
وعن عتبه بن عبد السلمي قال : ( أتينا النبي صلى الله عليه وسلم سبعة – وفي رواية تسعة – من
بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية فبايعناه جميعاً ) , فهذا يدل على ما ذهب إليه الحافظ الذهبي
وانه لم يكن رابع في الإسلام حيث أسلم معه من قومه خاصة تسعة أو سبعة , لكنه كان من
السابقين بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أقام العرباض بالمدينة مع أهل الصفة وهم
الفقراء والعزاب من الصحابة الذين ليس لهم مأوى غير صفه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ,
فهم جيرانه وكانوا يسمون أضياف الإسلام , وقد فرغوا أنفسهم لتعلم القرآن والعلم وإذا دعى داعي
الجهاد كانوا أول من يخرج , وقد يمنعهم من الخروج قلة ذات اليد .
و العرباض بن سارية السلمي ممن نزل فيهم قول الله تعالى : [ ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم
قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون ] ( سوره التوبة 92 )
وقد شارك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوه خيبر وفي فتح مكة وغيرها , ثم خرج
مجاهداً إلى بلاد الشام وسكن حمص كسابقه عمرو بن عبسة وكان منزله عند قناة الحبشة ,
ونجد كثيراً من الصحابة السلميين وغيرهم قد سكنوا حمص فقد كانت دار رباط في سبيل الله .
كان رضي الله عنه زاهداً في الدنيا آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر , فقد روى إسماعيل بن أبي
عياش , حدثنا أبو بكر بن عبد الله , عن حبيب بن عبيد , عن العرباض قال : ( لولا أن يقال : فعل أبو
نجيح لألحقت مالي سُبْلة , ثم لحقت وادياً من أودية لبنان عبدت الله حتى أموت ) ( الطبقات الكبرى 4/276 )
ومن حديث شعبه عن أبي الفيض , سمع أبا حفص الحمصي يقول : أعطى معاوية ابن أبي سفيان
المقداد حمارا من المغنم , فقال له العرباض بن سارية : ( ما كان لك أن تأخذه ولا له أن يعطيك ،
كأني بك في النار تحمله ؛ فرده المقداد .
روى العرباض بن سارية عن رسول الله أحاديث أخرجها أصحاب السنن والمسانيد وقد ذكر له ابن
كثير في جامع المسانيد والسنن ( 29 ) حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشهرها ما
أخرجه أحمد في المسند ( 4/126 ) وأبي داود حديث رقم ( 4607 ) والترمذي ( 2676 وابن ماجه
(42) من حديث خالد بن معدان حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي , وحجر بن حجر , قالا : أتينا
العرباض بن سارية , فسلمنا وقلنا : ( أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين . فقال : صلى بنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم , ثم أقبل علينا , فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ،
ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع , فأوصنا , وفي لفظ : فما تعهد إلينا
؟ قال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبداً حبشياً , فإنه من يعش منكم بعدي،
فسيرى اختلافا كثيرا، وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين , تمسكوا بها , وعضوا
عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثه بدعه , وكل بدعه ضلاله )
وقد عاش رضي الله عنه حتى كبرت سنه ووهن عظمه , ومات بحمص سنة خمس وسبعين من
الهجرة وقيل قبيل ذلك في أيام خلافه عبد الله بن الزبير الذي قتله الحجاج بمكة سنه 73 من الهجرة
, فرحم الله جميع أصحاب رسول الله ورضي الله عنهم فقد كانوا هداة ودعاة إلى الخير أينما كانوا ورحلوا .

د. محمد بن صامل السلمي
1/5/1431 هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.