الصحابة رضي الله عنهم كثير عددهم فقد حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
أكثر من مائه وعشرين ألفاً , وكل من كان في المدينة النبوية وفي مكة المكرمة وما بينهما وما
حولهما , بل أغلب سكان الجزيرة العربية دخلهم الإسلام وأهلها مسلمون , ومع هذا فإن الذين
عرفت أسماؤهم من الصحابة رضي الله عنهم ودونت بعض أخبارهم هم أقل من هذا العدد بكثير ,
فلم يكن هناك ديوان جامع للناس , وعندما دونت أسماء الصحابة وأخبارهم بلغ العدد عند ابن عبد
البر ( ت 463 هـ ) في كتابه الذي أراد أن يستوعب فيه أسماء الصحابة فسماه : الاستيعاب في
معرفة الأصحاب ) لم يبلغ العدد عنده خمسة آلاف ثم جاء بعده ابن الأثير ( ت 630 هـ ) فكتب : أسد
الغابة في معرفة الصحابة وكان عدد من أحصاهم في كتابه في حدود ثمانية آلاف , وبعدهما بزمن
أراد الحافظ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 هـ ) أن يحرر أسماء الصحابة ويجمع كل ما وقف عليه من
أخبارهم فكتب موسوعته الكبيرة : الإصابة في تمييز الصحابة فبلغ العدد عنده [ 12446 ] مع أن
منهم من ذكر أنه ليس من الصحابة ولم تثبت صحبته .
ولهذا فإنا لن نستطيع التعرف على تراجم وأسماء كل من صحب النبي صلى الله عليه وسلم من
بني سليم , ولكن سوف نقف على أخبار من ذكر منهم في المؤلفات المختصة بأسماء الصحابة
رضي الله عنهم , هذا وقد أفرد الأخ الأستاذ عصام بن حامد آل عبد الحفيظ أسماء الصحابة من
سليم المذكورين في كتاب الإصابة في مؤلف نشره عام 1428 هـ فجزاه الله خيرا .
عمرو بن عَبَسة السلمي رضي الله عنه ( ربع الإسلام ):-
هو عمرو بن عبسة بن خالد بن عامر بن خفاف بن إمرئ القيس بن بهثه
كان يعيش في مرابع قومه في حاذه وصفينه , وقد نشأ على الحنيفية وأنكر أمر الجاهلية ,
وهو أخ من الأم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي كان متحنفاً ومنكراً لعبادة الأصنام , وديار غفار
لا تبعد كثيرا عن ديار سليم.
يقول عمرو بن عبسة : إني كنت في الجاهلية أرى الناس على ضلاله , , ولا أرى الأوثان شيئاً , ثم
سمعت عن رجل يخبر أخباراً بمكة ويحدث أحاديث , فركبت راحلتي حتى قدمت مكة فإذا أنا برسول
الله صلى الله عليه وسلم مستخف , وإذا قومه جُرَءاءُ عليه , فتلطفت حتى دخلت عليه , فقلت : ما
أنت ؟ قال : أنا نبي الله . فقلت : وما نبي الله ؟ , قال: رسول الله , قال فقلت : آلله أرسلك ؟ , قال :
نعم . قلت : بأي شيء أرسلك ؟ , قال : بأن يوحد الله ولا يشرك به شئ , وكسر الأوثان , وصلة
الأرحام , فقلت له : من معك على هذا ؟ قال : حر وعبد , – ومعه يومئذ أبو بكر بن أبي قحافة وبلال –
قلت : إني متبعك , قال : إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا .
ولهذا قال عمرو بن عبسة: بأنه ربع الإسلام , أي رابع أربعة سبقوا على الإسلام . وهذا على
حسب علمه واستنباطه من جواب النبي له , وكان المسلمون في العهد المكي يخفون إسلامهم .
فرجع عمرو بن عبسة إلى قومه وبقي زمناً حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وقد جاءه الخبر بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة , فقدم عليه في المدينة ,
ولما دخل عليه قال : يا رسول الله أتعرفني ؟ , قال : نعم . أنت الذي لقيني بمكة ؟
ثم إن عمرو بن عبسة سارع إلى سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور في الدين فقال : يا
نبي الله , أخبرني عما علمك الله وأجهله . أخبرني عن الصلاة ؟
قال صلى الله عليه وسلم : ( صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة – أي امتنع – حتى تطلع الشمس
حتى ترتفع , فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان , وحينئذ يسجد لها الكفار . ثم صل فإن
الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح , ثم اقصر عن الصلاة . فإن حينئذ تسجر جهنم .
فإذا أقبل الفيء فصل . فأن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر . ثم اقصر عن الصلاة حتى
تغرب الشمس . فإنها تغرب بين قرني الشيطان وحينئذ يسجد لها الكفار )
قال فقلت : يا رسول الله فالوضوء حدثني عنه . فوصف له صلى الله عليه وسلم كيفية الوضوء وبين
فضله . ………. وللحديث بقية
د . محمد بن صامل العلياني السلمي
1431/4/1 هـ