(كرم بني سُليم)
الكرم من الأخلاق الحميدة عند العرب قبل الإسلام وجاء الإسلام وجعل ذلك من الإيمان قال صلى الله عليه وسلم”من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه” بل واجب على كل من قدم إليه ضيف أن يكرمه ولابد أن نفرق بين الكرم المحمود والكرم المذموم
فالكرم المحمود هو:البذل بلا مقابل والعطاء بلا طلب ، فكل إكرام لضيف بقصد جلب منفعة أو دفع مضرة فهو رشوة وكل إكرام يتبعه تشهير أو إعلام أو إخبار فهو من المَنِّ وبما أن المقالات في هذا المنبر الإعلامي محصورة عن قبيلة سُليم تاريخاً وآثارا فأحببت أن أذكر موقفاً لقبيلة بني سُليم مع ابن اللُّتبية الذي أرسله الرسول ﷺ إليهم
اخرج البخاري في صحيحة في كتاب الحيل باب احتيال العامل ليهدى له واخرج مسلم في كتاب الإمارة باب تحريم هدايا العُمال
عن ابي حميد الساعدي رضي الله عنه قال استعمل رسول الله ﷺ رجلاً على صدقات بني سُليم يُدعى ابن اللُّتبية فلما جاء حاسبه ، قال هذا مالكم ، وهذا هدية لك، فقال رسول الله ﷺ :((فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقاً،ثم خطبنا فحمد الله واثنى عليه ثم قال:اما بعد،فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هديةٌ أُهديت لي،افلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ احد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء، او بقرةً لها خوار، او شاةً تَيْعَرُ، ثم رفع يدهُ حتى رُئي بياض إبطه يقول:اللهم هل بلغت))
ومن فوائد الحديث أن من حبهم لرسول الله ﷺ أرادوا أن يكرموا من أرسله رسول الله ﷺ إليهم بحسن ضيافته ورفادته ورأو أن من حسن الضيافة أن يهادوه ولم يعلموا أن هذا الأمر يغضب رسول الله ﷺ وفيه مخالفة شرعية و لم يخبروا أحداً بتلك الهدية التي اُعطيت لابن اللُّتبية ولكن ابن اللُّتبية أخبر رسول ﷺ بما أهدي له فغضب الرسول وقال”فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك” ثم خطب بالناس فحمد الله وأثنى عليه…..الحديث
والأصل في الهدية انها مستحبة ولكن يَحْرُم على من استعمل على عمل من قبل ولي أمر المسلمين أن يأخذ الهدايا والهبات والمكافآت لأن هذه رشوه تجعل آخذها يتغاضى عن دافعها.
فينبغي على كل من أراد أن يكرم ضيفه أن يبتعد عن التشهير والإخبار والإعلام بهذا الإكرام لأن في هذا إغراء للعوام واستحسانهم لهذا الفعل المذموم وقد جاء في الأثر أن “النوم والأكل عورتان فاسترهما قدر المستطاع”.
وختاما يجب على الدعاة وطلبة العلم توضيح منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الكرم ومايتعلق به من أحكام وآداب حتى لا تنقلب المفاهيم ويصبح الحسن قبيحاً والقبيح حسنا فالرسول ﷺ أكرم الخلق يعطي عطاء من لايخشى الفقر وأجود الناس بالخير من الريح المرسلة.
وفقنا الله وإياكم لمكارم الأخلاق ولما يحب ويرضى .
والشكر والعرفان لكل القائمين على هذا المنبر الإعلامي وفقهم الله وسددهم وأعانهم.
د.عبدالله دهيكل السلمي