عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-05-2009, 12:37 PM
أبوزايد غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 9
افتراضي عبدالخالق السلمي في الميزان الأدبي

[]
\7
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على من جاء بالهدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
يزخر مجتمعنا بالعديد من المبدعين في شتى المجالات والميادين , يسهم هؤلاء المبدعون في الرقي بمجتمعهم ودفعه نحو مدارج العز والسؤدد , ولا شك أن مضمار الفكر من أهم الميادين التي تنهض بها أمة من الأمم.
ومما لاشك فيه أن الشعر من أهم ميادين الفكر في أي مجتمع إنساني ؛ إذ من خلاله يسهم الشاعر في معالجة كثير من قضايا مجتمعه ، كما أن الشاعر بقرْضِه للشعر يسهم في إثراء لغته وفي الحفاظ عليها في عصر اندثرت فيه كثيرٌ من القيم الأصيلة .
ارتأيت أن أكتب _هنا_ عن شاعر شاب عشق الشعرَ، فعشقه الشعرُ وأحبه فمضى يأتي بالدليل الدامغ لحبه للشعر فكانت روائعه الشعرية عربونا لصداقته ومحبته للشعر إنه الشاعر الشاب عبدالخالق السلمي فارس يطلق العنان للحرف تلو الحرف لتتكون الجمل،ويطلق العنان للجمل تلو الجمل لتتكون منها تراكيب وصور وخيالات معبرة وجميلة .
شاعرنا من المبدعين الذين يغمدون أقلامهم في محرق ضمائرهم ويشنقون حاضرهم على عيدان ريشهم.ويزرعون الحراب في لحم كلماتهم.ويستشهدون على شفاه حروفهم.
يكتب شاعرنا بلغة جميلة، ترقُّ في مواقف الرقِّة، وتقسو في مواقف القسوة، وتعنفُ في محاسبة الذات، وأزمة الضمير.. شاعرنا متمكن من عِنان اللغة، فهي بين يديه ليَّنةٌ، طيِّعة، عجينةٌ يصنع منها ما يشاء، يكوِّرها، يدوِّرُها، يمدُّها، ويقصرُها بحذقٍ ومهارةٍ، وقلما نبتْ كلمةٌ هنا، أو خرجت عن مألوفِ استعمالها هناكَ... تراكيبٌه عربيةٌ سليمةٌ، لاهُجنةَ ولا إغراب.. وتصوير فنيٌ رائعٌ يتكاثف أحياناً كثيرة ليشكل لوحاتٍ بارعةٍ غارقة بالخيال والجمال.
بل إن شعره قلعةٌ حصينة ذاتُ أسوارٍ منيعةٍ ، لا تستطيعُ أن تنفذَ إلى كنوزها إلا بسلطان... لا تنفذ إلى مقالع العنبرِ والمرجان في معانيها، إلا إذا أعملت قدحَ زنادِ الفكر للإحاطة بأساطين بنائها، وأسريت عبر مسارب الزمرَّد والياقوت في مغاور رموزها المحيرة، تَنْعتقُ المعاني أمامكَ من إسارها وتنهمرُ على اصابعكَ خيراً وبركةً ، فتغْمِزُأنفكَ وقَلبكَ وخيالك، وتُغرقُكَ بديمةٍ من الأنغام والموسيقى الهائمة، والعواطفِ الدافئة، ولا عاصم لك يومئذٍ من طوفانها إلاَّ الالتجاء إلى زوارق حروفها. فهي التي تنقلك إلى موانئ الشمس والضياء والنعيم.
قصيد شاعرنا عالي البنيان، متماسكَ الحلقات، تقرعُكَ موسيقاه الداخلية، وقوافيه الخارجية بسياطِ من نحاسيَّات الربابة، وعذابات نقرة الوتر الواحد لتنسابَ أنغاماً هادئةً، وأنساماً رقراقةً، وروحاً خفَّاقةً، وحفيفَ أوراقِ وردٍ تتراقصُ على شِفاه الحروف، وتختالُ بدّلٍّ على شُرفات الكلمات.
براعته في الشعر فا ئقة جدا وعجيبه .
قرأت له فوجدت فيه رؤيا تتسم بحداثة أصيلة وبكلاسيكية جذورها متعمقة في أدبنا القديم ، وبشفافية وسلاسة وعمق وبمعالجة فائقة للموقف الشعري الماثل .
ومن أشد ماأعجبني قوله :



ياظل الحزن لاتطوي سنينـي والزمـن لـو جـار
عبس وجه الغـرام بوجـه قيـس وحبـه العـذري
تحملـت الهيـام وشـلـت وزره والـفـراق أوزار
نبي نرتاح فـي رجـوا اللقـاء لـو ظلنـا عمـري
تعال اسمع لحـونٍ مـن قصيـدي تتعـب السمـار
شكا منها حمـام الـراك واتعـب بوحهـا القمـري
تنفس يا صباح الشعر وازفـر مـن حشـاي أسـرار
بعد ما عسعس الليـل الطويـل ولاح لـي فجـري
يذكرنـي عقالـي لا لبستـه رسـم ذيــك الــدار
روابي قرطبـة وقصورهـا واحتـار فـي عـذري


وإلى لقاء أّخر يتدفق أدبا وحبا وبهاء لا يوصف
__________________
فعذلت أهل العشق حتى ذقته
فعجبت كيف يموت من لايعشق
رد مع اقتباس