\7

حديثنا اليوم إليكم أيها السادة الفضلاء عن التاريخ الهجري كيف بدأ , ومتى بدأ ؟
كان العرب يؤرخون بالأحداث الكبيرة , وليس لهم تاريخ موحد أو مستمر , فقد أرخوا بأيام قصي بن كلاب , ثم بحادثه الفيل , ثم ببنيان قريش للكعبة , والذي شارك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة بخمس سنوات . وهذا أسلوب معروف حيث لا يزال العامة وغير المثقفين يؤرخون بالأحداث التي تقع في زمنهم , فمثلا في منطقتنا كانوا يؤرخون بسنة البعثة – بفتح العين – ويقصدون المطر الكثير الذي أحيا الأرض بعد القحط الذي أصابهم , فكأن الأرض بعثت بعد الموت , ويؤرخون ( بالظليماء ) كسوف الشمس , ويؤرخون بدخن الصغو, ودخن الراضة
وسيل الربوع , أو موت رجل مشهور ..... وهكذا

كيف بدأ التاريخ الهجري؟
- بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم صار المسلمون يؤرخون بها فيقولون : السنة الأولى من البعثة .... والسنة العاشرة من البعثة , وهكذا إلى نهاية العهد المكي وهو ثلاثة عشر عاماً وبعد الهجرة إلى المدينة أرخوا بالهجرة وتركوا التاريخ من البعثة .
- وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم واستخلاف الصديق رضي الله عنه أرخوا بخلافته , وبعد وفاته واستخلاف عمر بن الخطاب أرخوا بخلافته أيضاً , ثم إن في السنة الخامسة او الرابعة من خلافه عمر رضي الله عنه , وصل إليه من واليه على اليمن يعلى بن أمية كتاب مؤرخ فقال عمر : ما هذا ؟
- وفي رواية أخرى أن الوالي على العراق كتب إلى عمر بن الخطاب : إنه يأتينا منك كتب غير مؤرخه , وإن في بلاد فارس شيء يسمونه التاريخ ( ماه روز ) قال عمر : فاضعوا للناس تاريخاً .
- وفي رواية ثالثه , أنه رفع إلى عمر صك فيه دين على رجل , وأنه يحل في شهر شعبان , واختلف الخصمان أحدهما يقول : شعبان الماضي , والآخر يقول شعبان القادم .
فقال عمر : ضعوا للناس تاريخاً يعرفون به حلول ديونهم , وعِدَد نسائهم ومواقيت حجهم . فتشاور الصحابة في وضع التاريخ , واتفقوا على ابتداء التاريخ الإسلامي من الهجرة النبوية لأنها بداية عز الإسلام والمسلمين واستقلالهم عن المشركين وقيام دولتهم وسلطانهم .
قال الإمام البخاري في صحيحه . باب التاريخ ومن أين أرخوا ؟
ثم قال: لم يؤرخوا من بعثته ولا من وفاته وإنما أرخوا من هجرته . والهجرة كما هو معلوم كانت في شهر ربيع الأول وهو الشهر الثالث من السنة القمرية , والشهر الأول في السنة هو شهر محرم .
فابتدأ المسلمون وضع التاريخ الهجري من شهر محرم , والسنة الأولى من هذا التاريخ هي السنة التي هاجر فيها رسول الله من مكة إلى المدينة , وقد أمضى صلى الله عليه وسلم عشر سنوات بالمدينة , ثم كانت وفاته في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة .
وبهذا الاتفاق في خلافة عمر على التاريخ بالهجرة امتد التاريخ الإسلامي , وصار يؤرخ به في الدولة الإسلامية , وتضبط به الحوادث والوقائع وولادات العلماء ورحلاتهم ووفياتهم , وتولي الحكامِ والأمراء ، وخلعهم أو وفياتهم وغير ذلك مما يستعمل فيه التاريخ كما قال عمر : ( يعرفون به حلول ديونهم وعِدَد نسائهم ومواقيت حجهم ) وكذا وقت صيامهم وعباداتهم المؤقتة .
ونحن الآن بدأنا السنة الحادية والثلاثين وأربعمائة بعد الألف من بداية الهجرة النبوية , أي نحن في القرن الخامس عشر , وقد و قد شارف على الانتهاء منه الثلث الأول من القرن .
هذا على الحساب الجاري على الأشهر القمرية والتي علمنا في المقال الماضي أن سنتها تساوي 354 يوماً حيث أن الأشهر القمرية نصفها ثلاثون يوماً 6 x 30 = 180 , والنصف الثاني تسعة وعشرون يوماً 6 x 29 = 174 .
- ويوجد في بعض بلدان العالم الإسلامي مثل أفغانستان وإيران من يؤرخ بالأشهر الشمسية ( البروج ) وهي تزيد عن السنة القمرية بأحد عشر يوماً وأول برج فيها هو الميزان , وهذه السنة بحساب البروج هي سنة 1388 هجرية شمسية , فيكون الفرق من ابتداء التاريخ الهجري بين الشمسي والقمري 1431 – 1388 = 43 سنة .





ـــــــــــــــــــ
تنبية :
ستكون مقالات الدكتور محمد بن صامل بشكل دوري شهرياً ( يوم 1 ويوم 15 من كل شهر.)